أرباب المثلثات (حُكّام الطبائع الأربع)

أرباب المثلثات (حُكّام الطبائع الأربع)

تمهيد علمي

المثلثات في علم الأحكام النجومية هي تقسيم البروج بحسب الطبائع الأربع: النار، والأرض، والهواء، والماء. وتضم كل مثلثة ثلاثة بروج متجانسة في الطبع، ويُسند حكمها إلى كواكب مخصوصة تُعرف بأرباب المثلثات.

ولا يُقصد بأرباب المثلثات مجرد السيادة الاسمية، بل يُراد بها تقدير القوة والاستمرارية، ومعرفة العون الخفي أو الظاهر، والحكم على امتداد الأثر في الزمن، واستعمال ذلك في الهيئات، والسهام، والتحاويل، وسائر مسائل الأحكام.

أولًا: المثلثات الأربع وبروجها

1) المثلثة النارية

تضم بروج الحمل، والأسد، والقوس. وطبعها الحرارة والفعل والحركة والمبادرة والسلطان، وهي تدل على الظهور والقيادة وسرعة الأثر.

2) المثلثة الأرضية

تضم بروج الثور، والسنبلة، والجدي. وطبعها الثبات والبناء والملك والمال والحفظ، وهي تدل على الاستقرار والتراكم والديمومة.

3) المثلثة الهوائية

تضم بروج الجوزاء، والميزان، والدلو. وطبعها الفكر والتواصل والحركة العقلية والتنظيم، وهي تدل على الإدراك والتبادل والتدبير.

4) المثلثة المائية

تضم بروج السرطان، والعقرب، والحوت. وطبعها الإحساس والخفاء والباطن والتوليد والتغيّر، وهي تدل على العمق والتحوّل والآثار الخفية.

ثانيًا: أرباب المثلثات عند جمهور الأحكاميين

وهذا هو المذهب المشهور المعتمد في كتب المتقدمين من أهل الصناعة، وفيه يُفرّق بين النهار والليل، مع إثبات كوكب شريك دائم.

🔥 المثلثة النارية

بالنهار: ☉ الشمس
بالليل: ♃ المشتري
الشريك ليلًا ونهارًا: ♄ زحل

وتدل الشمس على السلطان والظهور، ويدل المشتري على التوسعة والنصرة، ويكون زحل شريكًا يدل على الامتداد والتحمّل وطول الأثر.

🌍 المثلثة الأرضية

بالنهار: ♀ الزهرة
بالليل: ☽ القمر
الشريك ليلًا ونهارًا: ♂ المريخ

وتدل الزهرة على التملّك والخصب، ويدل القمر على النماء والتبدّل، ويكون المريخ شريكًا يدل على العمل والكسب بالمشقة.

🌬️ المثلثة الهوائية

بالنهار: ♄ زحل
بالليل: ☿ عطارد
الشريك: ♃ المشتري

ويدل زحل على التنظيم والعقل الثقيل، ويدل عطارد على الفكر والكلام، ويكون المشتري شريكًا يدل على الحكمة والتوجيه.

🌊 المثلثة المائية

بالنهار: ♀ الزهرة
بالليل: ♂ المريخ
الشريك: ☽ القمر

وتدل الزهرة على التآلف والقبول، ويدل المريخ على الصراع والتحوّل، ويكون القمر شريكًا يدل على الباطن والتغيّر.

ثالثًا: مذهب الحَشْوِيّة من المنجّمين

ذهب بعض المنجّمين، ويُعرفون بالحشوية، إلى جعل الكواكب الثلاثة أربابًا للمثلثة في وقت واحد، دون تخصيص ربٍّ للنهار وآخر لليل. وإنما يغيّرون الترتيب فقط بحسب كون الوقت نهارًا أو ليلًا.

ففي المثلثة النارية مثلًا، يكون الترتيب نهارًا: الشمس ثم المشتري ثم زحل، وليلاً: المشتري ثم الشمس ثم زحل، ويُقاس على ذلك سائر المثلثات.

ملاحظة علمية

هذا المذهب يُكثِر الأرباب، ويُضعف التمييز الزمني، ويقلّ استعماله في الأحكام الدقيقة والسهام. ولذلك لم يكن هو المعتمد عند جمهور المتقدمين، وإن وُجد في بعض المدارس والكتب.

رابعًا: فائدة أرباب المثلثات في العمل الأحكامي

تُستعمل أرباب المثلثات في ترجيح قوة الكوكب في الهيئة، والحكم على امتداد الخير أو الشر، وتقدير العمر والمدة، ودعم الحكم عند تعارض الدلالات، وترجيح صاحب التأثير في المسائل.

فالكوكب إذا كان في برجه، أو في شرفه، أو في مثلثته، كان أقوى أثرًا وأدوم فعلًا، وأثبت دلالة في الحكم.

خلاصة تعليمية

أرباب المثلثات ليست زينة نظرية، بل أداة دقيقة لفهم الاستمرار والمشاركة والعون في الأحكام. ومعرفتها شرط أساسي لفهم السهام، والتحاويل، والقرانات، والأحكام الكبرى، ولا يستغني عنها من أراد إحكام الصناعة ودقة الترجيح.

© جميع الحقوق محفوظة – مرجانة برو | MARJANA.PRO
إعداد وتحرير: حكيم روحاني
البريد الرسمي: marjana@marjana.pro